ماذا لو امتلك الإنسان ذاكرة كاملة؟
#المناظر #ماذا_لو #وعي #ذاكرة #فلسفة #تفكير
يقال إن الذاكرة نعمة، لكن قليلون فقط يتساءلون إن كانت النعمة تتحوّل أحياناً إلى امتحان ثقيل.
نحن نعيش على توازن هشّ بين ما نتذكّره وما ننساه؛
بين ما نحتفظ به ليمنحنا معنى، وما نتركه يذوب كي نستطيع العبور.
لكن… ماذا لو لم يعد هناك ذوبان؟
ماذا لو صار كلّ شيء ثابتاً، حادّاً، لا يرحم؟
ماذا لو كان الإنسان يتذكر كل التفاصيل، بلا استثناء؟
تخيّل يوماً تدرك فيه أنّ دماغك أصبح “كاميرا كاملة”،
لا تنسى حركة اليد، ولا ارتعاشة الصوت، ولا نظرة عابرة مرّت أمامك قبل ثلاث سنوات.
تتذكر كلمات لم يقصد أصحابها قولها، وتعود إليك ملامح وجوه لم تعد جزءاً من حياتك.
تتذكر لحظات الفرح كاملة…
لكن تتذكر معها أيضاً لحظات الانهيار بنفس الوضوح.
السؤال هنا ليس عن “قوة الذاكرة”،
بل عن ثقل الذاكرة.
لأن النسيان — رغم صوته الخافت —
هو العضلة التي تحمي الإنسان من تراكم نفسه عليه.
بدونه، تتحول الحياة إلى غرفة مغلقة تتكدّس فيها الأصداء القديمة.
ولو ألغينا النسيان، سيتغير معنى العلاقة بين الناس:
لن تبقى الأخطاء قابلة للترميم،
ولا الكلمات قابلة للغفران،
ولا التجارب قابلة لإعادة التأويل.
ستعيش البشرية في عالم مكتظّ بالنسخ القديمة من نفسها.
ربما لن نُظلم بعد الآن بذاكرة ضعيفة،
لكننا قد نُسحق بذاكرة لا تنسى.
ومع ذلك، يظلّ السؤال مفتوحاً كما في كل سلسلة "ماذا لو؟":
هل كانت قوة الإنسان في ما يتذكره؟
أم في ما استطاع أن يتركه خلفه؟