ماذا لو اختفت اللغة؟
#المناظر #ماذا_لو #فلسفة #لغة #تفكير #وعي
تخيّل أن الإنسان استيقظ ذات صباح، فوجد نفسه صامتًا لا يستطيع أن يتكلّم.
يحاول أن ينطق كلمة واحدة، فلا يخرج من فمه إلا صوت بلا شكل ولا معنى.
ينتقل إلى هاتفه، فيجد المحادثات فارغة، لا حروف ولا كلمات.
يفتح حاسوبه، فلا يرى نصوصًا ولا عناوين، كأن الذاكرة الرقمية للعالم مُسحت في لحظة واحدة.
يتجه إلى دفاتره القديمة، فلا يجد كتابة.
الأوراق بيضاء، والكتب كأنها لم تُكتب أصلًا.
المؤسسات، الإدارات، المدارس، الجامعات…
جميعها تقف أمام السؤال نفسه: كيف نواصل من دون لغة؟
لن يختفي الوعي، ولن تتوقف الرغبة في التواصل.
سيحاول الناس أن يعوّضوا اللغة بحركة اليد، نظرة العين، إيماءة الرأس.
ستتحوّل الإشارات الجسدية إلى وسيلة وحيدة للفهم وسوء الفهم معًا.
كل شيء يصبح قابلًا للتأويل الزائد، بلا جملة تُصحّح ولا كلمة تُوضِّح.
التكنولوجيا التي بُنِيت على النصوص ستتعطّل في يوم واحد:
لا رسائل مكتوبة، لا بريد إلكتروني، لا وثائق، لا مناهج.
سيبقى الجسد حاضرًا، لكن لن يجد أمامه سوى الإشارة كي يقول ما كان يقوله في صفحات كاملة.
قد يتحمّل الإنسان الصوم عن الطعام لبعض الوقت،
لكن الصوم عن التعبير قد يهزّ توازنه من الداخل.
ستتعطل مشاريع، وتتوقّف قرارات، وتُجمّد علاقات،
فلا شيء يثبت ولا شيء يُوثَّق.
من هنا يظهر السؤال الحقيقي:
هل اللغة مجرّد أداة للتواصل، أم أنها أيضًا الطريقة التي نرتّب بها وعينا ونفهم بها أنفسنا؟
وماذا يتبقّى من الإنسان حين يبقى الوعي حاضرًا… لكن بلا لغة تحمله؟