المرشد الافتراضي — يوسف بن تاشفين (مراكش)
منظار الحضارة :

مراكش… المدينة الحمراء، مدينة البهجة والضوء،
التي تحتفظ دائماً بإيقاعها الخاص، مهما تبدّل الزمن.
ومن بين كلّ الأسماء التي مرّت فوق ترابها،
يبقى يوسف بن تاشفين في الذاكرة المغربية
كالمرشد الأول لهذه المدينة؛
الرجل الذي ارتبط اسمه بتأسيس مراكش في العصر المرابطي،
وتحويلها إلى عاصمةٍ لدولةٍ تمتدّ بين الصحراء والأطلس والأندلس.
حين ندخل ساحة جامع الفنا،
أو نمرّ اليوم عبر أسوار باب أغمات وباب دكالة،
نلمس أن المدينة لم تنشأ بالصدفة،
بل على تخطيطٍ هادئ ومتدرّج،
بدأ مع النواة الأولى للمرابطين،
ثم تطوّر عبر القرون مع تحصيناتٍ وأسوارٍ وقصباتٍ أضيفت تباعًا.
هندسة المدينة تشبه طريق يوسف بن تاشفين نفسه في بناء الدولة:
وضوح، تنظيم، وابتعاد عن المبالغة.
المرشد هنا لا يقدّم درساً تاريخياً مفصّلاً،
بل يفتح الطريق لفهم المدينة عبر رموزها:
الأسوار: فكرة الحماية والاستقرار،
من أولى التحصينات المرابطية
إلى الجدران الحمراء التي استكملها خلفاؤه،
وجعلت مراكش تُعرف بـ«المدينة الحمراء».
المدينة القديمة: حركة التجارة وبداية العمران،
حيث الأسواق، والطرق التي تربط بين الأطلس والصحراء
وتحوّل مراكش إلى نقطة التقاء.
القصبة: رمز مركز القرار،
حيث كان الحكم يُمارَس من قلب المدينة المحصّنة،
ثم تحوّل هذا المعنى عبر العصور
إلى قصباتٍ متعدّدة تحمل وظيفة السلطة والقيادة.
اللون الأحمر: أثر التراب والحجر المحلي،
الذي تحوّل مع الزمن إلى هوية بصرية ثابتة،
تربط بين مراكش المرابطية وما تلاها من عهود.
يوسف بن تاشفين ليس شخصية نحتفل بها في المناسبات فقط،
بل هو مفتاح يساعدنا على قراءة كيف وُلدت مراكش كعاصمة،
وكيف صارت مدينة تجمع بين الصرامة والبهجة،
بين ثقل التاريخ وخفّة الحياة اليومية.
المرشد فقط يذكّر بأن المدن لا تولد وحدها،
وأن وراء كل مدينة قوية…
رجلًا – أو جماعة رجال ونساء –
فتحوا أول باب، ورسموا أوّل خطّ في ترابها.