الأمن الغذائي لم يعد مسألة وفرة… بل مسألة هندسة.
منظار المستقبل
عندما نسمع عبارة الأمن الغذائي، يبدو الجواب لأول وهلة بسيطًا:
توفُّر غذاء يكفي الجميع.
لكن النقاش اليوم يتحرك في اتجاه آخر.
السؤال لم يعد: هل نملك ما نأكل؟
بل: هل نملك القدرة على إنتاج غذاء آمن، بجودة مقبولة، وبطريقة يمكن الاستمرار فيها على المدى الطويل؟
هذا التحول يظهر بوضوح في Africa Food Show Morocco 2025،
الذي تحتضنه الدار البيضاء من 19 إلى 21 نونبر 2025 بالمعرض الدولي للدار البيضاء.
الحدث يقدم نفسه كمنصة لعرض منتجات وصناعات غذائية،
لكن أيضًا كفضاء لمناقشة قضايا مرتبطة ببنية النظام الغذائي نفسه، من بينها:
إدارة الموارد المائية
الزراعة الذكية والتقنيات المرتبطة بها
سلاسل التبريد والتخزين والنقل
مراقبة الجودة والسلامة الغذائية
حلول التغليف وحماية المنتَج في مساره إلى المستهلك
الشعار الذي اختير لهذه الدورة:
«الماء رافعة لتحويل الأنظمة الغذائية الإفريقية»،
يلخّص الفكرة الأساسية:
الغذاء لم يعد مرتبطًا بالإنتاج الفلاحي وحده،
بل مرتبط بكفاءة استعمال الماء،
وبالقدرة على التكيّف مع تغيّر المناخ،
وباستعمال أدوات تكنولوجية تساعد المزارع والصناعة والغذائية على تنظيم عملها.
المعرض يجمع عارضين ومشاركين من أكثر من 20 دولة،
منهم صناعيون، شركات تكنولوجيا زراعية، مختبرات مراقبة الجودة، ومؤسسات مهتمة بالابتكار في القطاع الغذائي.
ورغم هذا البعد الدولي، فإن الأسئلة المطروحة قريبة جدًا من الواقع المغربي والإفريقي:
ندرة الماء في العديد من المناطق
الضغط المتزايد على الإنتاج بسبب تغيّر المناخ
الحاجة إلى رفع الجودة مع الحفاظ على القدرة الشرائية قدر الإمكان
الصورة التي ترسمها مثل هذه الفعاليات واضحة:
الأمن الغذائي لم يعد ملفًا يخصّ الفلاحة وحدها.
إنه شبكة تمتد من الحقل إلى المعمل،
ومن نظام السقي إلى سلسلة التوزيع،
ومن قرار المزارع إلى ثقة المستهلك في المنتَج الذي يقتنيه.
لهذا لم يعد الحديث فقط عن “رفع الإنتاج”،
بل عن هندسة متكاملة تسمح بتأمين الغذاء،
وتقليل الهدر،
والحفاظ على الموارد،
وبناء ثقة في كل حلقة من حلقات السلسلة الغذائية.